سِحرُ العيون

Posted: 1 أفريل 2012 in أدبُ المفضلة

السلام عليكم ورحمة الله ..

لا تكاد تجد أحداً من الشعراء المعروفين بالغزل إلا وكتب عن العيون وعن تأثيرها وسحرها، فمنهم من وصف جمال العيون الحسّي من أهداب ورموش وحتى لون بؤبؤ العين، وآخرون انسحروا وطارت عقولهم من اللؤلؤ الذي تجود به عينا الحبيبة، ومنهم من تغنّى بجمال العيون المعنوي والمشاعر التي تفضحها العيون من حب أو عتاب أو شوق . لكن ما هو سر افتتان كل هؤلاء الشعراء على مر الأزمان بهذا الجزء من الجسم بالتحديد ؟!!

بتقديري الخاص أعتقد أنّ العيونَ لها تأثيرٌ يختلفُ عن غيرها من الأعضاء ؛ لأنها تعتبر النافذة التي نطل من خلالها على الشخص المقابل ونقرأ من خلالها ما يشعر به، وهي مثلُ المرآةِ التي تعكِسُ ما يجول في ذهنِ صاحبها. فعندما تلتطمُ أمواجٌ من المشاعرِ المتضاربة في ذهن المحب، يجدُ أن آلاف الكلمات لا تستطيع التعبير عن ما يريد قوله، لكن بمجرد نظرة واحدة ، ولثوانٍ قليلة تلتقي فيها أعين المحبين نجد أن هذه كل المشاعر تتجسد في العينين :

وتعطلت لغة الكلام وخاطبت ** عيناي في لغة الهوى عيناكِ !

ولكنّ لغة الهوى هذه قد تكون قاتلة و تودي بالمحب إلى مراتع الهلاك ! وصحيحٌ أنّ جمال عينا المرأة آيةٌ من آياتِ الله، لكن هذا الجمال خطيرٌ جداً وينبغي الحذر منه ؛ فقد أودى هذا الجمال بعقول الكثيرين وقطّع أنياط قلوبهم !

عليمٌ بما تحت العُيونِ من الهوى ** سريعٌ بكَسرِ اللحظِ والقلبُ جازعُ

فَيجرحُ أحشائي بعينٍ مَريضةٍ ** كما لان متنُ السيف، والحدّ قاطع !!

ولا يخفى على أحدٍ قول جرير :

إنّ العيونَ التي في طرفها حَورٌ ** قتلننا ثم لم يحيينَ قتلانا

يَصرعنَ ذا اللبّ حتى لا حياةِ به ** وهنّ أضعفُ خَلقٍ الله أركانا !

إذاً حذارِ يا صاحبي من أن تقع في شراكِ تلك العيون، ولا يغرنّك جمالها الأخّاذ وسحرها الخلّاب، لأنك سوف تعيش هذا الصراع الداخلي الذي يصوره لنا الشاعر بقوله:

يـقـول قـلـبـي لـطـرفـي إذا بـكـا جـزعـاً ** تـبـكـي و أنـت الـذي حـمَّـلـتـني الـوجـعا ؟!!
فـقـال طـرفـي لـه فـيـمـا يـعـاتـبـه ** بـل أنـت حـمَّـلـتـنـي الآمـال و الـطـمـعـا !
حـتى إذا مـا خـلا كـلٌ بـصـاحـبـهِ ** كـلاهـما بـطـويـل الـسـقـم قـد قـنـعـا
نـادتـهـما كـبـدي لا تـتـعـبـا  فـلـقـد ** قـطّـعـتُـمـانـي بـمـا لاقـيـتـمـا قِـطـعـا !!

إذاً يا عزيزي لا أنصحك بتصديق أحمد شوقي عندما قال :

لمّا رنا حدّثتني النفسُ قائلةً ** يا ويحَ جنبكَ بالسهمِ المصيبِ رُمي !

جحدتها، وكتمتُ السهمَ في كبدي ** جرحُ الأحبةِ عندي غيرُ ذي ألمِ ..

فجرح الأحبة ذو ألم وفتك، وأيّ ألم هو وأيّ فتك ! يروي لنا ابن الصائغِ قائلاً :

لمثلي من لواحِظها سِهامٌ ** لها في القلبِ فتكٌ أيّ فتكِ

إذا رامتْ تشُكّ به فؤاداً ** يموتُ المستهامُ بغير شكّ !

كلّ هذا العذاب قد ينجم من رُنوِّ العينينِ فقط، فما بالك إذا جادت تلك العينان بمدامعها ؟! وما الذي سوف يحدث حينها ؟! وماذا سيكون شعورك أيّها المسكين عندما ترى حبيبتك أمامك في هذا المنظر :

وأَمطرتْ لؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ ** ورداً ، وعضّت على العنّاب بالبردِ ..

وإذا تحيّرت من سبب هذه الدموع، وماذا ترنو منها حليلتك، فامرؤ القيس قد كفاك أمر هذه الحيرة :

وما ذرفت عيناكِ إلا لتضربي ** بسهميكِ في أعشار قلبٍ مقتّـلِ !

عندها، عيناك سوف تأخذ دورها بالبكاء. ولكن إن كنتَ تستنكفُ من إظهار هذا البكاء وتستكبر، فعليك القدوم بسبب مقنع لتبرير هذا البكاء ؛ لأنه ظاهر لا محالة !ولكن لا تكن كهذا الشاعر الذي داهمته الدموع عند فراق حبيبته :

قالوا قد جزعت ! فقلت كلا ! ** وهل يبكي من الطّرب الجليدُ ؟

ولكنّي أصابَ سوادَ عيني ** عُويدُ قذىً له طرفٌ حديدُ !

فقالوا ما لِدَمعهما سواءٌ ؟ ** أكلتا مقلتيكَ أصاب عُودُ ؟!!

ولكن نصيحتي الشخصية هي أن “تدق اللطمة” مثل ما فعل صاحبك مالك ابن الرّيب :

أَجبتُ الهَوى لما دَعانِي بزفرةٍ ** تقنّعتُ منها أن أُلام رِدائيَ !

أو إذا كنت في الشتاء فالحل الأنجع أن تفعل مثل ما قال الشاعر الشعبي :

أجلس، وأشبّ النار وأتذكر وليفي ** وبحجة الدّخان، أبكي على كيفي !

حماني الله وإياكم من مصارع العشّاق :)

زواجُ الطلّاب !

Posted: 14 جانفي 2012 in Uncategorized

الساعة 3:11 صباح يوم السبت 20 صفر 1433 هـ ..

غداً اختبار هندسة كيميائية وهو الأخير في هذا الفصل ..

أعود لكم مرة أخرى بتدوينة أتى بها أرق الاختبارات ..

 

حديثي هذه المرة عن موضوعٍ يثير شجون الشباب ويؤرقهم وهو هدفٌ أساسي في الحياة لجميع الأسوياء من بني البشر ..

حديثي أيها الأحبة سيكون عن الزواج، وبالأخص زواج الطلاب خلال فترة الدراسة. هناك العديد من الشباب الذين يفكرون جدياً بالزواج سألوني عن رأيي في هذا الموضوع وتناقشنا فيه وسمعت من العديد منهم وأحب أن أطرح لكم هنا بعض الأفكار التي تراودني في هذا الباب الجميل :)

في البداية لابد لنا من التطرق للهدي النبوي في هذا الجانب، حيث لا يخفى عليكم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) متفقٌ عليه. وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأحد الصحابة اللذين لم يتزوجوا (لا يمنعك من الزواج إلا عجز أو فجور) فالجانب الشرعي في هذه المسألة أعتقد أنه من الواضح أنه يحث الشباب على الزواج لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكن من أراد الزواج خصوصاً في فترة الدراسة أعتقد أن عليه يضع في الحسبان ثلاث أمور رئيسة: الجانب المادّي، الجانب الاجتماعي من جهة الشاب، والجانب الاجتماعي من جهة الفتاة. وفي ما يلي تفصيل كل واحد منها على حدة.

أما الجانب المادي فهولا بلا شك عصب الحياة، ولايحق للزوج أن يخرج المرأة من بيت أهلها إلا وهو قادر على توفير حياةٍ كريمةٍ لها، قال ابن كثير رحمه الله “بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهنّ ، من غير إسراف ولا إقتار ، بحسب قدرته في يساره ، وتوسطه وإقتاره ” والغالب والأعم بأن من يتزوج وهو طالب لا يستطيع الإنفاق على زوجته من تلقاء نفسه، وإنما يحتاج إلى دعم ومعونة والده ومن حوله. فأنت يا عزيزي إذا أردت الزواج بدون وظيفة فيجب عليك أن تضع في الحسبان أنك ستطلب من والدك المال شهرياً لتكون قادراً على إعالة نفسك وزوجتك، ومن المهم كذلك أن تراعي قدرة عائلتك المادية وتكون متأكداً قبل أن تقبل على الزواج أنك لا تشكل عبئاً على أهلك ومن حوالك فقط لتقضي حاجةً في نفسك ! وفي نفس الوقت تذكر أنك إذا أخلصت النية في زواجك فأن كثيراً من أمورك ستتيسر بإذن الله؛ قال تعالى (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32

نأتي بعد ذلك للحديث على ما أسميته بالجانب الإجتماعي من جهة الشاب. البعض هداهم الله يكون هدفه الأسمى من الزواج ممارسة الجنس، ويعتقد أنه هذه المرأة التي أُدخلت عليه هي آلةٌ لممارسة الجنس وليست كياناً إنسانياً مليئاً بالمشاعر والعواطف والأفكار والآراء. قد يستنكر البعض مثل هذه الأفكار، والوعي بهذه الأمور ولله الحمد أكثر من ذي قبل، لكن لا يزال هناك قصور في فكر بعض المتحمسين للزواج عن الجوانب الكثيرة جداً المصاحبة له. حيث أن هناك أبجديات للتعامل مع المرأة يجب على كل من أراد أن يلج في هذا الباب أن يعرف معظمها. كيف تتعامل مع المرأة إذا غضبت؟ وكيف تدخل السعادة على قلبها بمدحها بأبسط الأشياء؟ وكيف تنتبه لأبسط التفاصيل التي قد لا تعني لك شيئاً كرجل ولكنها تعني الدنيا عند الأنثى، وكيف تعمل على إيجاد اهتمامات مشتركة بينكما، وأمور أخرى كثيرة لا يُتوقعُ من أحد أن يتقنها قبل الزواج ولكن على الأقل يحتاج الشخص قبل أن يقدم على خطوة مثل هذه أن يقرأ ملياً في هذا الموضوع ويثقف نفسه فيه.

كذلك نقطة مهمة في هذا الجانب يغفل عنها الكثير ألا وهي وضع الأساسات للعلاقات الزوجية. أعتقد أن طبيعة العلاقة بين الزوجين تأخذ شكلها من السنين القليلة الأولى، فالأمور التي يتعود عليها الطرفان من الغالب أنهم سيستمرون عليها لبقية حياتهم. فمثلاً إذا لم يعرف الزوجان كيف يتحاوران فيما بينهم ويحلون مشاكلهم بعقلانية وهدوء في سنواتهم الأولى، تجد أنهم حتى بعد قضائهم لعشرات السنين لا يعرف أحد منهما كيف يتناقش مع الآخر وكيف يحلون المشاكل التي تواجههم بتعاون وفعالية. فإنشاء أساسات قوية للعلاقى بين الزوجين مبينة على الحب والتفاهم والتعاون تعين بإذن الله على استدامة العلاقة بينهما.

أخيراً نأتي بالجانب الذي يتعلق بالمرأة، فغالباً يا عزيزي الشاب إذا كنت ستتزوج في الجامعة فزوجتك لن يتجاوز عمرها بداية العشرينيات، وهنا من المهم أن تعرف هل هذه الفتاة الصغيرة في العمر قادرة على التأقلم على الحياة الزوجية بعد قضائها كل عمرها بين أبويها ؟ هل عندها المقدار الأدنى من الوعي الذي يجعلها تقدر الزوج وتحترمه وتتعاون منه وتكون سنداً له في الشدة واللين؟ هل هي قادرة على تولي أمور البيت من طبخ وتنظيف وغيرها؟ هل تستطيع هي أن توفق بين الحياة الزوجية وبين دراستها؟ وأمور أخرى تتعلق بالفتاة يجب أن ينتبه لها الشخص ولا يستعجل بالإختيار بناءً على الشكل أو النسب. وبهذه المناسبة أذكر هنا مثالاً لطيفاً أورده لي أحد أعمامي حين قال: تخيّل أنك اشتريت لوحة جميلة جداً وعلقتها في مدخل المنزل، وأنت داخل وخارج تتأمل بجمال هذه اللوحة وروعتها، كم من الوقت تتوقع حتى تمل من هذه اللوحة؟ سنة؟ سنتين؟ عشر سنين؟ حتماً سيأتي الوقت الذي ستمل فيه من جمالها، وهذا ينطبق الأمر على الزوجة فما سيتبقى لك هو ليس الشكل والمظاهر، وإنما الدين والأخلاق. ويا سعد من اجتمعت له !

 

أوردت كل هذه الأمور ليس على أساس أنها عوائق تمنع الشخص الزواج، وإنما هي أمور يجب أن لا تغيب عن بال من يريد الزواج في هذا العمر حتى يعيش حياة سعيدة وهانئة بإذن الله تعالى. وقد يقول البعض أننا نبالغ دائماً في قضية الزواج ونعقده أكثر من اللازم، وقد يكون هذا صحيحاً في بعض المواضع ولكن يجب أن الله سبحانه وتعالى وصف الزواج بأنه ميثاقٌ غليظ !

 

ختاماً أعزائي تذكروا أن هذه الكلمات أتت من شخصٍ غارقٍ في لجج العزوبية وظلامها، ولكنه قرأ وسمع وخاض بعض التجارب وتولدت عنده هذه الأفكار التي يتمنى أن يخوضها في الواقع ليتأكد من صحتها، لاحقاً !!

 

أسعد الله كل المتزوجين وأدام الحب بينهم، ورحم الله العزوبيين وصبّرهم ورزقهم العفّة.

لماذا ؟!!

Posted: 7 جانفي 2012 in Uncategorized

الوقت : 2:40 صباح يوم السبت 13 صفر 1433 هـ ..

الوضع: غداً مساء تبدأ اختباراتي النهائية ..

الحالة نفسية: أعيش حالة اللاشعور !!

الحالة الجسدية: إرهاق شديد يصاحبه أرق ..

تقلبت في الفراش لأكثر من ساعتين ولم أستطع النوم ولا المذاكرة، أخرجت لابتوبي من غمده وكتبت ما يلي :

يعيش كل العالم حالة تواصل وتداخل كبير جداً على كل الأصعدة، هذا التداخل أثر علينا كشعب سعودي بشكل هائل خلال السنوات القليلة الماضية. لم ننشأ ونترعرع على وجود مذاهب وأديان وأحزاب في مجتمعنا وإنما كان هناك بشكل عام توجه واحد يطغى على معظم عامة الناس. بالطبع كان لهذا الوضع إيجابياته وسلبياته. من السلبيات ما سأتحدث عنه في السطور التالية.

تعودنا أنه لما يمر علينا حكم شرعي معيّن أن نؤمن به ونتخذه منهجاً لوجود دليل عليه من القرآن والسنة، وهذا بلا شك ينبع من إيماننا بأن الإسلام يدلنا على مافيه الخير والصلاح حتى لو لم تتضح الحكمة من وراءه. كان وما زال هذا هو المنهج المتبع في التعليم وكان ناجحاً وقتها لأنه لم يكن هناك تواصل كبير وتداخل مع العالم الخارجي، أما في الوضع الراهن تغيرت الكثير من الأمور وأصبحت الكثير من التساؤلات والشبهات تتولد عند الكثيرين خصوصاً ممن يسافرون إلى الخارج. وهنا يجب على كل منا أن يعي هذه النقطة بشكل جيد : إذا كان عند الشخص قصور معين في فهم أحد أحكام الإسلام، يجب عليه أن يعزوه إلى قصورٍ في فهمه للإسلام أو في قلة في معلوماته، ولا يعزوه إلى وجود خلل أو ثغرات في ديننا الحنيف !

تساؤلات كثيرة جداً يواجهها من من يحتك بغير المسلمين: لماذا المرأة تغطي وجهها ؟! لماذا مجرد مصافحة المرأة محرمة ؟! لماذا سماع الأغاني محرم ؟! لماذا الزانية ترجم ؟! وأمور أخرى تعتبر من الأشياء المسلّم بها عند الكثير من شعوب العالم ولكنها ليست كذلك في الإسلام، وهنا تكمن مشكلة عدم معرفة الإجابة لها بتشكيك الآخرين بديننا وتشكيك من تتولد عنده هذه الشبهات والتساؤلات بدينه !

وهنا بالطبع يجب التنبيه أن العقل البشري القاصر لا يمكنه إدراك كل الأمور من حوله، للمزيد عن هذا الموضوع هنا تدوينة سابقة لي. 

بهذه المناسبة أذكر في أحد سفراتي خارج الممكلة دار بيني وبين امرأة تهتم بقضايا المرأة وتعمل في منظمات حقوق المرأة حوار طويل كان من ضمنه ما يلي :

– هي: عندكم في الإسلام المرأة إذا مارست الجنس ترجم بالحجارة !! هذا فعل بربري !!

– أنا: كذلك خيانة المرأة لزوجها فعل بربري !!

– هي: لكن لا يصل إلى حد القذف بالحجارة حتى الموت !

– أنا: الهدف من وضع هذه العقوبة هو لتبيان مدى بشاعة الأمر وفداحته، وإلا فاستيفاء شروط تطبيقه صعب، حيث يجب وجود أربعة شهود كلهم يشهدون عند القاضي ويصفون ما رأوا ويجب أن تكون شهاداتهم متطابقة حتى يتم تنفيذ الحكم .

– هي: ولكن من الصعب جداً أن يشاهد أربعة أشخاص المرأة تزني ويشهدوا كلهم بذلك عند القاضي !!

– أنا: بالضبط ! ومثل ما قلت الهدف الأساسي من العقوبة هو تنفير النفس من هذا الفعل، وهل تعلمين كذلك أن هذا الحكم يطبق على المرأة المتزوجة فقط وإلا غير المتزوجة لا تقتل !

– هي: ولكن هذا ظلم، لماذا يطبق على المرأة ولا يطبق على الرجل ؟!!

– أنا: It does !!

فأسقط في يدها !!

ليست تدوينة حقيقية وإنما مجرد خربشات في جنح الليل، تصبحون على خير :)

يقول المثل الشعبي “أبو طبيع ما يخلي طبيعه” بمعنى أن الشخص الذي لديه طبع أو عادة لا يترك عادته، أو من الصعب جداً تركها. لم أكن أقتنع بهذا المثل على الإطلاق ولكن الآن وجدت الأسباب التي تجعلني لا أقتنع به .
حتى نبدأ في الحديث عن تغيير عادة سلبية لدى الشخص، أو اكتساب عادة حسنة، يجب علينا أن نحلل العادة بشكل جيد ونعرف ماهي العادة وما أساسها وماهي الأشياء التي تولد العادات لدى الأشخاص والمجتمعات. كثيراً ما نخطئ بمحاولة معالجة المشكلات بالنظر لها بطريقة قاصرة وغير شاملة، وننظر لهذه المشكلة وكأنها تولدت من ذاتها بدون مسببات كثيرة قادت إليها، فالعادة ليست مجرد سلوك إذا أردنا معالجته فإننا نقفز إليه بشكل مباشر، وإنما هي أعمق من ذلك بكثير، فإذا أردنا تغيير عادةٍ أو اكتسابها يجب علينا أن ننظر لها بشكل سليم حتى يتسنى لنا النجاح في هذا الأمر. في هذه التدوينة سأحاول تسليط الضوء على الأجزاء الثلاث الأساسية لتكوين أي عادة، وسأحاول تبسيطها قدر الإمكان وتزويدها بالأمثلة حتى يتسنى للقارئ فهم الفكرة بشكل كامل بإذن الله.
 
 
العادة غالباً ما تتكون من ثلاث دوائر أو أجزاء أساسية: المعرفة، الرغبة والسلوك. مشكلتنا دائماً أننا إذا أردنا إزالةَ عادةٍ ما أو اكتسابها فإننا نقفز مباشرةً إلى السلوك، جاهلين أن السلوك دافعه الرغبة، والرغبة دافعها المعرفة التي هي أساس تكوين أي عادة. فلنبدأ بالحديث عن الجزء الأهم في تشكيل العادات وهو المعرفة.
 
 
لن أخوض هنا في التعريفات الفلسفية المختلفة للمعرفة، ولكن هنا أذكر تعريف جميل لنانوكا الذي يقول فيه أن المعرفة هي “الإيمان المحقق الذي يزيد من قدرة الوحدة أو الكيان على العمل الفعّال” وأجد أن هذا التعريف جامعٌ مانع؛ حيث قال فيه أنه إيمانٌ محقق وليس أي مجرد إيمانٍ عابر، وهو يزيد من قدرة الوحدة أو الكيان –وهذا قد ينطبق على المستوى الفردي والمستوى الجماعي- على العمل الفعّال وليس أي عمل. إذاً إذا أردت أن تتخلص من عادة سيئة يجب أن يكون عندك معرفةٌ قوية وإيمانٌ محقق يدفعك لترك هذه العادة. على سبيل المثال: لا يوجد شخصٌ مدخن لا يعلم أنّ التدخين مضر بالصحة، لكن إذا شاهد مثلاُ صوراً لأضرار التدخين على أشخاص أصابتهم بعض الأمراض تزداد عنده هذه المعرفة أكثر، ولكن رسوخ المعرفة وقناعتها لمن شاهد صور من تضرروا ليس كرسوخ قناعة من ذهب إلى المستشفى ورأى أناساً أصابتهم أمراضٌ خبيثة جعلتهم يلزمون الفراش أو حتى يفارقون الحياة. فدائماً ما نسمع أن فلان ترك التدخين فترةً ثم عاد إليه، والسبب أنه لم يقضِ وقتاً طويلاً في ترسيخ المعرفة والإقتناع بها، وإنما عرف القليل فقط وقرر أن يغير هذه العادة لكن وجد نفسه يفشل فيها مراراً وتكرارا. هذا يعني أنك إذا أردت تغييرَ عادةٍ سيئة يجب عليك في البداية أن تقضي الكثير من الوقت لكي تعرف بالتفصيل ما هي أضراها والنتائج التي من الممكن أن تترتب عليها وسوف تجد مع الوقت أن قناعتك قد ترسخت بشكل كبير حتى وإن كنت لم تترك هذا السلوك بعد!
 
 
ننتقل بعد ذلك للحديث عن الجزء الثاني من تشكيل العادة وهو الرغبة، الرغبة تعرّف على أنها الهدف والتمني والطموح لشيء ما، ويقال أن الرغبة تدفعها الحاجة، فهي لا تتولد من تلقاء نفسها وإنما من وجود معرفةٍ قوية تولد لدى الشخص حاجةً أو رغبةً للحصول على شيءٍ ما أو التخلص من شيءٍ ما. إذاً فهي عاملٌ مهم في تشكّل العادة وتكوينها، وحتى نبقي هذه الرغبة قوية ومتواجدة في تفكير الإنسان، يجب أن تكونَ مبنيةً على أساسٍ قوي من المعرفةِ والعلم. فأنت حتى ترغب في التخلص من العادةِ السرية على سبيل المثال يجب أن يكون لديك معرفة وقناعة قوية بأضرارها لتتولد لديك الرغبة بتركها، ثم بعد ذلك هذه الرغبة ستقودك للجزء الثالث من العادة وهو السلوك.
 
 
السلوك برأيي هو أفعال وتصرفات نقوم بها بوعي أو بدون وعي، وهذه التصرفات عبارة عن ترجمةٍ لما يدور بداخلنا وبما نفكر به، فمن هذا التعريف يتبين لنا أنه ليس من المجدي أن نحاول تغيير السلوك دون محاولةِ تغيير الأسباب التي دفعت إلى هذا السلوك! وهذا هو الخطأ الذي يقع في الكثيرين عند محاولة التخلص من عادات سيئة أو اكتساب أخرى حسنة، فتجد الشخص يحاول مباشرةً بأن يغير سلوكاً معيناً فيفشل في ذلك، ويحاول فيفشل مرةً أخرى. ومع المحاولة والفشل تتولد لديه قناعة بأنه هذه العادة الحسنة ليست جزء منه ولا يستطيع تطبيقها على الإطلاق وأنه شخص فاشل و و إلى آخره من الأفكار السلبية التي تجعله ينهزم أمام هذه العادات وتجعله ييئس من محاولة إكتسابها له.
 
 
إذاً من خلال هذا العرض البسيط عن طريقة اكتساب العادات أو التخلص منها يتبين لنا أننا إذا سلكنا الطريق الصحيح فإننا سنصل بإذن الله إلى ما نرموا إليه. عن طريق وجود معرفةٍ قويةٍ وراسخة، تولد رغبةً تدفعُ إلى سلوك. ولنتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال ( إنما العلم بالتعلم، واحلم بالتحلم ) إذاً، فلننشر سوياً هذا المثل: أبو طبيع .. يخلي طبيعه !!
 
 
 
 
 
 

تعقيب: كنت أتحدث مع أستاذي في المرحلة الثانوية وأخي الأكبر أ. ماجد العتيبي عن الأمور الايجابية التي حصلت لي بعد ترك تويتر وأنني سعيد بأنني انتصرت على نفسي وتخلصت منه، لكنني سأكون سعيد أكثر لو أنني نجحت بالتخلص من إدمان تويتر مع بقائي فيه لأشعر أنني حتى مع وجودي فيه أستطيع التحكم بنفسي :) فقادنا النقاش إلى موضوع تغيير العادات واستفدت من الأستاذ ماجد بكتابة هذا الموضوع

سيدة الأقمار

Posted: 18 أكتوبر 2011 in أدبُ المفضلة

من روائع غازي القصيبي رحمه الله ..

ما بال سيدة الأقمار .. تبتعد ** وأمس كانت على أجفاننا تفدُ ؟
أراقها كوكب في الأفق مرتحلٌ ** أم شاقها راهبٌ في الأرض منفردُ؟
فملت الوصلَ  والأقمار أمزجةٌ **  ناريّةٌ قلّما وفّتْ بما تعِدُ


***


أوّاه! سيّدةَ الأقمارِ! سيدتي! ** أوّاااه .. لو تجد الأقمار ما نجدُ
أوّاه! لو تردُ الاقمارُ إن ظمِئتْ ** مواردَ الالم الطاغي كما نَرِدُ
أوّاه! لو تسكبُ الأقمارُ أدمعَنا ** ولو يعذّبُها التفكيرُ والسُهُد


***


أبحرتِ ، سيدةَ الأقمار ،عن رجلٍ ** ما زال يبحرُ في أعماقِه الكمدُ
وراعَك الحزنُ في عينيه مؤتلق ** اًوصدّك اليأسُ في دنياه يحتشدُ
أتيتِ تبغين شعراً كُلُّه فرحٌ ** أنشودةً عن زمانٍ كلُهُ رغدُ
و جولةٌ عبْرَ أحلام مورَّدةٍ ** في هودجٍ بالندى الورديِّ يبتردُ
فما سمعتِ سوى الأشعارِ باكيةً ** وما رأيتِ سوى الإنسانِ يرتعدُ
أنا الطموحُ الذي كلّت قوادمهُ ** أنتِ الطموحُ الذي يسعى له الامدُ
أنتِ الشبابُ إلى الاعراس مُنطلقٌ ** أنا الكهولةُ يومٌ ما لديه غدُ
أنتِ الحياةُ التي تنسابُ ضاحكةً ** إلى الحياةِ .. أنا الموتُ الذي يَئِدُ
لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا ** بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ


***


جميلةٌ أنتِ .. يحدوكِ الجمالُ كم ** ايحدو اللهيبُ فراشاً نحوه يفِدُ
جميلةٌ انتِ .. عيناكِ الزُمرُّدُ لا ** يخبو .. وفي شفتيكِ الكَرْمُ والشُهُدُ
جميلةٌ أنتِ .. في أحراشِ مأسدةٍ ** وهل يَعِفُّ -وأنتِ الظبيةُ- الأسدُ؟


***


هو الفراق ؟!! فماذا تامرين إذنْ؟ ** أنوحُ؟أصمتُ؟أجري عنك؟أتّئدُ؟
أقول”شكراً”؟ .. أكانت ليلةً هِبة؟ ** يا للكريمة .. إذ تسخو .. وتقتصدُ!
هل التقينا؟ أم الأوهام تعبثُ بي؟!! ** أين التقينا؟ متى؟ ألسبتُ؟ألأحدُ؟
وهل مشينا معاً؟ في أيّ أمسيةٍ؟ ** في أي ثانيةٍ أودى بها الأبدُ؟
وهل همستِ”حبيبي!”أم سَمعتُ صدى ** من عالم الجنِّ .. لم يهمس به أحدُ؟


***


أظنّ ما كان من تأليف راويةٍ ** تحكي و تنسى .. فباقي الفصلِ مُفتقدُ!

عام 1995م

آخــر الحُـبّ !!

Posted: 16 أكتوبر 2011 in أدبُ المفضلة
وقعت على هذه القصيدة الرائعة لأحمد المنعي في ليالي الاختبارات الساعة الثالثة فجراً، لكم أن تتخيلوا ماذا فعلت بي !
كبهجةِ الأرضِ ..
إذ تستقبلُ المَطرا
كان اللقاءُ ..
وكُنّا أنجماً زُهُرا !
بعد انتظارٍ ..
تشفَّى وهو يعلِكُني !
ولم أزل ..
للقاءِ الحُبِّ منتظرا !
أميرةً ..
مِنْ جنوبِ السِّحْرِ مَنْبِتُها
إنّ الجَنوب ثرَيّا ..
والبلادُ ثَرَى !
أتتْ ..
وللعِطْرِ مِنْ باريسَ ضَوْعَتُه
مسيرَ خَمسِينَ عاماً ..
عطرُه انتَشَرا !!
الخطْوُ ..
مثلَ نسِيمِ الليلِ رقتُه
يكاد لا يلمِسُ السَّجادَ ..
إن خطرا !
تحاول السُّحْبُ ..
مَشْياً ..
مثل مَشْيَتِها
والنهْرُ مِنْ غَيْرَةٍ مما رآه ..
جَرَى !
دنَتْ ..
وأسدَلتِ الفتَّان عَتْمَتُه
شلالَ ليلٍ ..
على أكتافِها انحََدَرا !
رأيتُ فيها الذي ما كَانَ في بَشَرٍ
سبحان ..
من أبدعَ الأفنانَ ..
والزهَرا !
ولَوّحَتْ بيَدَيْها ..
أنْ سَتَعْذرُني
روحي ..
فدى كفها ..
إذ لاحَ مُعتذرا !!
تلك الأكُفّ التي ..
لو لامَسَتْ حَجَراً
لسَلْسَلَ الماءُ عَيناً منه ..
وانْفَجَرا !!
ولو حَوَتْ غـُرْفَة ..
في حِضْنِ أنمُلِها
لانسَلّ ..
يقطرُ مما بينها ..
دررا !!
تبسّمَتْ ..
فكأنّ الصبح مَبْسِمُها
فيا لعينيَ مِنْ صُبحٍ ..
بَدا سَحَرا !!
وإذ بِعِقْدٍ مِنَ البَلّورِ..
مُنْتَظِمٍ
كذلك العِقْدِ لمّا..
طوّقَ النّحَرا !!
وهل سَنَى البدرِ..
في أبهى تألّقِه
إلا ابتسامُ ” ابتـسامٍ” ..
شَعّ ..
وانْكَسَرا !؟
والمُتْعَبَانِ هما ..
مِنْ دُونِما تَعَبٍ
لكنما ..
أتعَبَا قلبَ الذي نظرا !!
مدينَتَانِ ..
يزيْنُ النّخلُ بَابَهما
والبدْرُ أسْوَدُ ..
في لَيلِ البَيَاض يُرَى !!
جَفْْنٌ ..
أمامَ العيون الساحِرات ..
رَسَى
وآخرٌ ..
في العيون الساهِرات ..
سَرَى !
باحت بهَمْسٍ ..
فوا قلبَاهُ مِنْ نَغَمٍ
حنانُه ..
يغسِلُ الأوجاعَ والكَدَرَا !
في صَوتها ..
بُحَّة صُغْرى ..
إذا عَبَرتْ
على المسامع ..
ذابَ القلبُ وانفطرا !
صوتٌ ..
تكسَّرَ ..
ألحاناً على وَتَرٍ
أستغفرُ الله ..
أن شّبّهتُه وَتَرا !
قالتْ ..
وأنصَتَتِ الدنيا لهَمْسَتِها
تكاد مِنْ رقة ..
أن تنطِقَ الحَجَرا !
“أشاعِرٌ أنتَ ؟”
واجتاح الغُرُورُ دَمِي
كأنني مَلِكٌ ..
خدَّامُه الأمََرَا !
فقلتُ :
بَيني وبينَ الشِّعر مُعْتَرَكٌ
كم انهزمْتُ أمامَ الشِّعرِ ..
مُنْتصِرَا !!
قالت :
” وما ذاك؟ ”
قلتُ :
الشّعرُ يا قمري
رُوحٌ تموتُ ..
فتُحْيِي أنفُسَاً أخَرَا !!
كالجذْرِ ..
يُدْفنُ في أعْمَاق تُرْبَتِه
ولا يَرَى الناسُ ..
إلا الغصْنَ والثمَرَا !!
كالشّمْسِ ..
تبْسُمُ للدّنيا مُخَبِّئَة
خلف ابتسامَتِها ..
جَوْفاً قد اسْتَعَرا !
قومٌ ..
قد احْتَرَقوا ..
والناسُ حولهُمُ
يصفِّقون لهم :
ما أعذبَ الشُّعَرا !!!
قالت :
” لهذا تظلّ الشمسُ ..
خالدةً
والغصنُ يَفْنى ..
ويبقى الجذْرُ ..
ما اندثرا !
والشمسُ ..
إنْ غَرَبتْ ..
ألقَتْ لنا شفقاً
والجذرُ..
إن جُثَّ ..
أبقَى خلفه البِذَرا !! “
قلتُ :
الخلودُ لشعرٍ ..
أنت مُلْهِمُه
فلتمنحي شِعري الإحساسَ ..
والصورا !!
قولي له كِلْمَةٍ ..
يبني بها وطنا
فإن شعريَ في المَنْفى..
قد احْتُضِرا !!
قالت
.
.
.
.
.
“أحِـبّـكَ ”
حرفاً ذاب فوق فمٍ
كأ،ه فم طفلٍ يقرأ السورا!!
وأنتَ ..
قُلْها ..
أم انّ الحُبَّ تجهَلُه
فأنتَ عاصِرُ خَمْرٍ مِنه ما سَكِرَا !!”
فقلتُ لا ..
والذي سواكِ كاملة ً
وأودعَ الشّمْسَ في عَيْنَيْكِ ..
والقَمَرا !!
حُبي لرُوحكِ ..
يا أغلى مُعذّبَةٍ
طفلٌ ..
له ألفُ عامٍ ..
بعْدُ ما كَبُرا !!
أرعَاهُ ..
أهوَاهُ ..
أخشاه..
أهيمُ به..
حُباً ببستانِ قلبِي زاهياً نَضِرا !!
قد كان لي ..
هاهنا ..
قلبٌ أعِيْشُ به
لكنّ حُبّك ..
لم يَتْرُك له أثرا !!
سِجْنان ضَمّاه ..
فالنّبْضَاتُ مُدنفة
بين الضلوعِ ..
وعِشْقِ فيه قد أسِرَا !
والله ..
لو قَسّمُوا حُبِّي على بَشَرٍ
صاروا ملائكة يمْشُونَ ..
لا بَشَرا !!
أنا أحُبِّكِ ؟ ..
كلا ..
لن أبوحَ بها
رغم الجنون الذي في داخلي ..
وقرا !!
فأطهَرُ الكُرهِ ..
كُرهٌ ..
لا نكتّمه !
وأطهَرُ الحُبِّ ..
حُبٌّ..
باتَ مُسْتترا !!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ولحظةً ..
وإذا بالدمْعِ يَذرفنا
لم أدر كيف جرى
أو تدرِ كيفَ جَرَى !!
عانقْتُها ..
وامتزاجُ الدَّمْع يعلنها
حقيقةً ..
تقتلُ الأحلامَ والصورا !!
إنّ الفراقَ ..
لمَنْ نهواهُمُ قَدَرٌ
فلنمنعِِ الحُبَّ ..
أو ..
فلنمْنعِ القدَرا
!!
.
.
.
.
.
.
.
.

ريمٌ على القاع

Posted: 12 سبتمبر 2011 in أدبُ المفضلة

السلام عليكم، أول قصيدة أنتقيها لكم هنا هي من روائع أمير الشعراء أحمد شوقي وهي في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.

هذي القصيدة تسمى نهج البرد ةلأنها أتت على نهج قصيدة البردة للبوصيري، بدأ فيها الشاعر بالغزل ثم شرع بمدح النبي صلى الله عليه وسلم، القصيدة قرابة المئتي بيت لكن اخترت لكم منها أكثر من أعجبني، تجدون هنا  كامل القصيدة.

يبدأ الشاعر بأبيات الغزل الرائعة :

ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر أسدا
يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم
لما رنا حدثتني النفس قائلة
يا ويح جنبك بالسهم المصيب رمي
جحدتها وكتمت السهم في كبدي
جرح الأحبة عندي غير ذي ألم
رزقت أسمح ما في الناس من خلق
إذا رزقت التماس العذر في الشيم
يا لائمي في هواه والهوى قدر
لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم
لقد أنلتك أذنا غير واعية
ورب منتصت والقلب في صمم
يا ناعس الطرف لا ذقت الهوى أبدا
أسهرت مضناك في حفظ الهوى فنم

ثم يشرعُ بعدها بمدح النبيّ صلى الله عليه وسلم وذكر مناقبه:

أسرى بك الله ليلا إذ ملائكه
والرسل في المسجدالأقصى على قدم
لما خطرت به التفوا بسيدهم
كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر
ومن يفز بحبيب الله يأتمم
جبت السماوات أو ما فوقهن بهم
على منورة درية اللجم
ركوبة لك من عز ومن شرف
لا في الجياد ولا في الأينق الرسم
مشيئة الخالق الباري وصنعته
وقدرة الله فوق الشك والتهم
حتى بلغت سماء لا يطار لها
على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فاستلم
خططت للدين والدنيا علومهما
يا قارئ اللوح بل يا لامس القلم
جاء النبيون بالآيات فانصرمت
وجئتنا بحكيم غير منصرم
آياته كلما طال المدى جدد
يزينهن جلال العتق والقدم
يا أفصح الناطقين الضاد قاطبة
حديثك الشهد عند الذائق الفهم

ثم يختم قصيدة بهذه الأبيات الجميلة:
يا ويلتاه لنفسي راعها ودها
مسودة الصحف في مبيضة اللمم
ركضتها في مريع المعصيات وما
أخذت من حمية الطاعات للتخم
هامت على أثر اللذات تطلبها
والنفس إن يدعها داعي الصبا تهم
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
والنفس من خيرها في خير عافية
والنفس من شرها في مرتع وخم
تطغى إذا مكنت من لذة وهوى
طغي الجياد إذا عضت على الشكم
إن جل ذنبي عن الغفران لي أمل
في الله يجعلني في خير معتصم
ألقى رجائي إذا عز المجير على
مفرج الكرب في الدارين والغمم
إذا خفضت جناح الذل أسأله
عز الشفاعة لم أسأل سوى أمم

يارب هبت شعوب من منيتها
واستيقظت أمم من رقدة العدم
سعد ونحس وملك أنت مالكه
تديل من نعم فيه ومن نقم
رأى قضاؤك فينا رأي حكمته
أكرم بوجهك من قاض ومنتقم
فالطف لأجل رسول العالمين بنا
ولا تزد قومه خسفا ولا تسم
يا رب أحسنت بدء المسلمين به
فتمم الفضل وامنح حسن مختتم

أدبُ المفضلة

Posted: 10 سبتمبر 2011 in أدبُ المفضلة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :)

تحت تصنيف كلمة “أدب” في مفضلتي يوجد الكثير من القصائد التي أعجبتني. وبالطبع ليس من السهل على أي قصيدة الدخول في هذا المكان، لأن دخولها في هذا المكان يعني دخولها في سويداء قلبي وحبي لها وعند قرائتي لها أحلق مع كلماتها بعيداً. وكما تعرفون جميعاً أنني أتمتع بذائقةٍ أدبيةٍ عالية فهذا يعني أن القصائد التي تعجبني هي قصائد رائعة جداً ومن عيون الأدب العربي :D

هدفي من هذا القسم من المدوّنة أن أخدم محبي الشعر العربي الفصيح بوضع بعض روائع الشعراء في مكان واحد ليتسنى لهم الغوص في عالمها الرائع وسبر أغوارها، فإذا كنت ممن يحب الشعر الفصيح ولكن لا تعرف شعراء معينين تقرأ لهم أو قصائد جميلة من الممكن أن تعجب بها فحتماً أنك وصلت إلى المكان الصحيح ولا تنسَ أن تضيف المدونة لمفضلتك لتزورها من وقتٍ لآخر لتجد ما يسرك بإذن الله :)

سيكون من القصائد ماهو مقروء -وهذا هو الأغلب- ومنها ما هو مسموع ومنها كذلك ما هو مرئي، أتمنى أن تجدوا هنا المتعة والفائدة، ومن لديه قصيدة أعجبته ويريد طرحها في المدونة فلا يبخل علينا بها.

انتظرونا قريباً :D

وسقط قناعٌ آخر !

Posted: 31 جويلية 2011 in Uncategorized

لطالما كانت أمريكا هي المثل الأعلى لكثير من الأشخاص حول العالم، وكان وما زال هناك كثير من أبناء جلدتنا من كرّسوا حياتهم لتصوير الأنموذج الأمريكي على أنه هو الأنموذج المثالي الذي يجب أن يحتذى من أجل الخروج من تخلفنا واللحاق بركب الحضارة. قبل الحادي عشر من سبتمبر كانت الصورة الأمريكية ناصعة في أذهان كثير من الناس – رغم سوئها الآن وفي ذلك الوقت – ولكن بعد هذه الأحداث وحرب أمريكا على ما يسمى بالإرهاب تبينت كثير من الحقائق بشكلٍ أوضح لكثيرٍ من المخدوعين ، فالمُثل التي طالما تشدقت بها أمريكا من حقوق إنسان وغيرها استمرت بالتساقط أمامنا عند غزو أفغانستان والعراق وعرفنا إزدواجية المعايير وقيمة الإنسان الحقيقية من وجهة نظر أمريكا. لكن كل الانتهاكات التي ارتكبتها أمريكا كانت بحق غير الأمريكيين من أفغان وعراقيين وفلسطينيين وغيرهم ، و كثيراً ما سمعنا تقدير الحكومة الأمريكية لمواطنيها وحرصها للحفاظ على حقوقهم وأرواحهم في الداخل والخارج وكان الكثير منّا يتمنى أن تحميه دولته مثل ما تحمي أمريكا مواطنيها، لكنّ ما بقي من ذلك القناع سقط الآن مع أزمة الديون الأمريكية !
لست خبيراً اقتصادياً لكن فكرة هذه الأزمة ببساطة هي أن أمريكا عليها كثير من الديون التي يجب تسديدها قبل الثاني من شهر أغسطس، لكن الحكومة لا تستطيع سداد هذه المبالغ الآن ، فيجب عليها أن ترفع سقف تسديد الديون لوقت آخر وقد حدث مثل هذا كثيرأ في تاريخ أمريكا. المشكلة الآن تتلخص في أن الجمهوريين –الذين يسيطرون على الكونجرس- يريدون رفع سقف الديون ستة أشهر فقط ، بينما يريد الديموقراطيون رفع سقفها سنة كاملة. رفع السقف ستة أشهر يعني أن هذه الأزمة ستعود مرة أخرى وقت الانتخابات الرئاسية، مما يعني أن أوباما سيكون بمأزق كبير جداً في ذلك الوقت ولن يكون هناك تعاطف من الشارع الأمريكي معه وبالتالي سوف يفوز مرشح الجمهوريين بالرئاسة! بينما لو أجلها سنة كاملة فإنه يستطيع التعامل مع الانتخابات بأريحية أكثر ، وإذا ضمن الفوز فإنه يستطيع التعامل مع هذه الأزمة مرةً أخرى في وقتها. ولكي تتضح الصورة فإنه في حال عدم سداد الحكومة للديون في هذا التاريخ وعدم رفع سقف التسديد سيعني انهيارا للإقتصاد الأمريكي ، وهذا سيؤثر على الاقتصاد العالمي ككل و بالدرجة الأولى على المواطن الأمريكي ذو الطبقة المتوسطة والطبقة المتدنية لأن نسبة الفوائد سترتفع بشكل كبير وستهبط قيمة الدولار.
وقد بدأت فعلا بعض تداعيات هذه الأزمة عندما أعلنت عدد من الشركات إفلاسها ، وتم تسريح عدد من الموظفين ، وخسرت عدد من العوائل الأمريكية منازلها تبعاً لذلك.
هذه باختصار أزمة الديون الأمريكية التي أسقطت قناع حرص الحكومة وصانعي القرار على مصلحة المواطن الأمريكي، وبينت لنا أن أكبر ديموقراطية في العالم – والتي بالمناسبة كل من يسلك السياسة فيها يجب أن يتبع أجندة حزبين اثنين فقط- هي في حقيقتها مصالح شخصية ، ونفوذ حزبي ، على حساب المواطن العادي ، إنها باختصار شديد حرب سياسية قذرة بين أشخاص كل واحد منهم يريد التمسك بمنصبه والحصول على أكبر فائدة ممكنة له !
في النهاية أحب أن أقدم اعتذاري لأطفال الصومال الذين يموتون من الجوع يومياً، فبوش حاصر مؤسساتنا الخيرية ، و فرض على حكوماتنا قيودا منعتنا من تقديم المساعدة لكم ، وأوباما مشغولٌ عنكم حالياً بالحفاظ على مقعده في ذلك البيت المشؤوم !

السلام عليكم ورحمة الله ،،

هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها مقالاً عن طريق الإجبار لأنه عبارة عن واجب في مادة اللغة العربية ، فمعذرةً إن وجدتم فيه شيئاً من عدم الإخلاص :D

المثير للسخرية حقيقةً أنني كنت أكتب هذا المقال عن اللغة العربية وكان زميلي بجانبي فسألني عن شيء فأجبته تلقائياً : Wait, I’m in the middle of something !!

نترككم مع المقال ، وسأستفيد من تعليقاتكم التي قد ترفع من درجتي في هذا الواجب :D

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد ، لاشك أن اللغة العربية هي أشرف وأجل اللغات وقد اصطفاها المولى عز وجل لتكون هي لغة أعظم الكتب على وجه هذه البسيطة ، هذه اللغة مميزة عن غيرها من اللغات لأن الله كتب لها الخلود إلى يوم القيامة بخلود هذا القرآن العظيم. ولا ريب أنها إذا استطاعت احتواء كتاب الله عز وجل -بمافيه من بلاغة المعنى وجزالة اللفظ- أنها تستطيع احتواء ما هو من أقل منها مرتبة وهو كلام البشر ، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في الوقت الحاضر : هل من الحكمة تدريس العلوم الدنيوية البحتة باللغة العربية ؟!! كثيرٌ من الباحثين والكتاب قد كتبوا وأسهبوا في نقاش هذا الموضوع ولكن لي فيه وجهة نظر أبينها في السطور القادمة .

إذا أردنا أن نتحدث عن هذه القضية من ناحية المبدأ والأصل فلا شك أن التدريس باللغة العربية أفضل من التدريس بغيرها لما سبق بيانه من عظم شأن هذه اللغة واتساعها ، ولأن الدراسات أثبتت أن التدريس باللغة الأم يزيد استيعاب الطالب بنسبة 30% مهما كان متمكناً من اللغة الأجنبية. ولكن كما هو معروف اليوم أن معظم العلوم الدنيوية موجودة باللغة الانجليزية فهل من الحكمة أن نخالف العالم بهذا وندرس بالعربية ؟ أعتقد أنه حالياً لاتوجد إجابة يمكن وصفها بالصحيحة أو الخاطئة ، ولكن القضية هنا نسبية لأن هناك عوامل كثيرة يجب أن تتهيأ حتى يتسنى لنا التدريس بهذه اللغة . كما نعرف أن اللغة العربية مختصة بأمة بأكملها وليس بدولة واحدة ، فلا يكفي أن تقوم دولة واحدة باعتماد التدريس بالعربية دون بقية الدول –كما يحدث في سوريا الآن- . نحن هنا لا نتكلم عن جامعة واحدة تستطيع عمل هذا الشيء ، ولا حتى دولة واحدة ، هنا نحن نحتاج لتكاتف جميع الدول العربية لدعم هذه اللغة ولخدمتها لنجعلها مواكبة للتقدم العلمي الكبير. يتبين لنا من هنا أن هذا الهم يجب أن يكون هم أمة بأكملها تتعاون وتتكاتف لخدمة لغتها الأم ولدعمها بكل الوسائل والطرق المتاحة لتهيئتها ولجعلها مواتيةً للإستخدام العلمي . كما هو معروف أن اللغة الإنجليزية هي لغة العلم السائدة في هذا العصر ومعظم العلوم والتطورات التقنية تكون بهذه اللغة ؛ فنحتاج أولاً لدعم ترجمة هذه العلوم بشكل موحد وبمصطلحات موحدة تعين على انتشارها بالعالم العربي . ولنا بالدول المتقدمة صناعياً وغير ناطقة بالإنجليزية خير مثال . إذا أردنا أن نتحدث عن أهم الدول المتقدمة تقنياً أول ما سيخطر على البال هي دولة اليابان . هذه الدولة الفتيّة الصاعدة معظم جامعاتها تدرس باللغة اليابانية ، والحكومة تصرف ملايين الدولارات سنوياً لترجمة مختلف الكتب في شتى المجالات لتوفر لطلابها المراجع العلمية التي يحتاجونها لدعم أبحاثهم ودراساتهم . إذاً الترجمة الجادة للكتب العلمية يجب أن تكون هي البداية في طريق التعليم باللغة العربية ومن دونها فإن هذه الفكرة لن تكون ناجحة . الأمر الآخر الذي يستلزم التدريس باللغة العربية هو دعم البحث العلمي ، فلا شك أن العالم الآن يُدرس باللغة الإنجليزية لأنها كانت وما زالت المصدر الأساسي للعلوم . وإذا نظرنا على سبيل المثال إلى وقت المسلمين بالأندلس عندما كانوا يدرسون باللغة العربية وكانت أوروبا ترسل أبنائها لتعلم اللغة العربية حتى يتسنى لهم بعد ذلك الإبحار في العلم ، وقد أخذوا منا الكثير من المصطلحات العربية التي ما زالت تستخدم حتى الآن على أساس أنها إنجليزية. إذاً هذا يعطينا دلالةً واضحة على أمرين مهمين ، أولهما أن اللغة العربية قدارة على استيعاب العلوم الدنيوية البحتة مهما كانت ، والأمر الآخر أن اللغة التي يخدمها أهلها بالعمل لها هي اللغة التي ستسود على أرجاء العالم وستجبر كل من أراد العلم أن يتعلم هذه اللغة !

ختاماً يجب أن نعلم أنه لن تسود أمة من الأمم ولن تتقدم على غيرها إن لم تكن تدرس بلغتها وتعتز بها ، ويجب أن نعلم أن عدم إنتشار اللغة العربية في العلوم الدنيوية هو ليس قصوراً بها وإنما بأهلها . وإذا أردنا أن نستعيد مجد أجدادنا العلمي يجب أن نبدأ بخدمة لغتنا  ودعمها حتى نعود إلى مصاف الأمم المتقدمة وننشر ديننا العظيم من خلال لغتنا وعلمنا . وفي النهاية أختم بأبيات على لسان اللغة العربية لحافظ إبراهيم رحمه الله :

وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً ** وما ضقت عن آيٍ به وعِضاتِ

فكيفَ أضيقُ اليومَ عن وصفِ آلةٍ ** وتنسيقِ أسماءِ لمُخترعاتِ

ِأنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ ** فهل سألوا الغوّاصَ عن صدفاتي ؟!!